كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

الْمَقَالَةُ الْأُولَى: مَقَالَةُ ابْنِ عَرَبِيٍّ صَاحِبِ فُصُوصِ الْحُكْمِ.
وَهِيَ مَعَ كَوْنِهَا كُفْرًا فَهُوَ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ لِمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِ مِنْ الْكَلَامِ الْجَيِّدِ كَثِيرًا وَلِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى الِاتِّحَادِ ثَبَاتَ غَيْرِهِ بَلْ هُوَ كَثِيرُ الِاضْطِرَابِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَعَ خَيَالِهِ الْوَاسِعِ الَّذِي يَتَخَيَّلُ فِيهِ الْحَقَّ تَارَةً وَالْبَاطِلَ أُخْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا مَاتَ عَلَيْهِ. فَإِنَّ مَقَالَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلَيْنِ: - أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْعَدَمِ مُوَافَقَةً لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ. وَأَوَّلُ مَنْ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي الْإِسْلَامِ: أَبُو عُثْمَانَ الشحام شَيْخُ أَبِي عَلِيٍّ الجبائي وَتَبِعَهُ عَلَيْهَا طَوَائِفُ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ الْمُبْتَدِعَةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّ كُلَّ مَعْدُومٍ يُمْكِنُ وُجُودُهُ فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ وَمَاهِيَّتَهُ وَعَيْنَهُ ثَابِتَةٌ فِي الْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا ثُبُوتُهَا؛ لَمَا تَمَيَّزَ عَنْ الْمَعْلُومِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَعْلُومِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَلَمَا صَحَّ قَصْدُ مَا يُرَادُ إيجَادُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ يَسْتَدْعِي التَّمْيِيزَ وَالتَّمْيِيزُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي شَيْءٍ ثَابِتٍ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ وَإِنْ ابْتَدَعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ الَّتِي هِيَ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا وَقَدْ كَفَّرَهُمْ

الصفحة 143