كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

فَصْلٌ:
وَأَمَّا التلمساني وَنَحْوُهُ: فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَاهِيَّةٍ وَوُجُودٍ وَلَا بَيْنَ مُطْلَقٍ وَمُعَيَّنٍ بَلْ عِنْدَهُ مَا ثَمَّ سِوَى. وَلَا غَيْرٌ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا الْكَائِنَاتُ أَجْزَاءٌ مِنْهُ وَأَبْعَاضٌ لَهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْوَاجِ الْبَحْرِ فِي الْبَحْرِ وَأَجْزَاءِ الْبَيْتِ مِنْ الْبَيْتِ فَمِنْ شِعْرِهِمْ:
الْبَحْرُ لَا شَكَّ عِنْدِي فِي تَوَحُّدِهِ ... وَإِنْ تَعَدَّدَ بِالْأَمْوَاجِ وَالزَّبَدِ
فَلَا يَغُرَّنَّك مَا شَاهَدْت مِنْ صُوَرِ ... فَالْوَاحِدُ الرَّبُّ سَارِي الْعَيْنِ فِي الْعَدَدِ
وَمِنْهُ:
فَمَا الْبَحْرُ إلَّا الْمَوْجُ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ ... وَإِنْ فَرَّقَتْهُ كَثْرَةُ الْمُتَعَدِّدِ
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ: هُوَ أَحْذَقُ فِي الْكُفْرِ وَالزَّنْدَقَةِ فَإِنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْمَاهِيَّةِ وَجَعْلِ الْمَعْدُومِ شَيْئًا أَوْ التَّمْيِيزَ فِي الْخَارِجِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ وَجَعْلَ الْمُطْلَقِ شَيْئًا وَرَاءَ الْمُعَيَّنَاتِ فِي الذِّهْنِ قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ بَاطِلَانِ. وَقَدْ عَرَفَ مَنْ حَدَّدَ النَّظَرَ: أَنَّ مَنْ جَعَلَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ شَيْئَيْنِ: - (أَحَدُهُمَا) وُجُودُهَا.

الصفحة 169