كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا هِيَ قَوْلُ صَاحِبِ الْفُصُوصِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا مَاتَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} .
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ حَقِيقَةَ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْفُصُوصِ الْمُضَافُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَاءَ بِهِ: وَهُوَ مَا إذَا فَهِمَهُ الْمُسْلِمُ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَجَمِيعَ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بَلْ جَمِيعَ عَوَامِّ أَهْلِ الْمِلَلِ؛ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ: يَبْرَءُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَعْضِ هَذَا الْقَوْلِ فَكَيْفَ مِنْهُ كُلِّهِ؟ . وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ عُبَّادَ الْأَوْثَانِ وَالْكُفَّارَ أَهْلَ الْكِتَابِ يَعْتَرِفُونَ بِوُجُودِ الصَّانِعِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ الْمُصَوِّرِ - الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ - رَبِّهِمْ وَرَبِّ آبَائِهِمْ الْأَوَّلِينَ - رَبِّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ عَيْنُ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا نَفْسُ الْمَصْنُوعَاتِ كَمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ حَتَّى إنَّهُمْ يَقُولُونَ لَوْ زَالَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ زَالَتْ حَقِيقَةُ اللَّهِ؛ وَهَذَا مُرَكَّبٌ مِنْ أَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْعَدَمِ - كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ - وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ بِالْعَقْلِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ - كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ - كَفَّرَ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا.

الصفحة 469