كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

وَالتَّقْوَى فَلَا يَكُونُ عَارِفًا بِطَرِيقِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَيَّزَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّالِثُ: إنَّ هَذَا الْقَائِلَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَى مَقَالَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِهِ فَشَهَادَتُهُ لَهُ بِالْوِلَايَةِ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ كَشَهَادَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ كَذِبُهُ وَلَا صِدْقُهُ مَرْدُودَةٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لِنَفْسِهِ وَلِطَائِفَتِهِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ أَهْلُ ضَلَالٍ؟ . الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: أَمَّا كَوْنُ الْحَلَّاجِ عِنْدَ الْمَوْتِ تَابَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَتُبْ: فَهَذَا غَيْبٌ يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ إنَّمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا عِنْدَ الِاصْطِلَامِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ كَانَ يُصَنِّفُ الْكُتُبَ وَيَقُولُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ وَيَقْظَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْبَةَ الْعَقْلِ تَكُونُ عُذْرًا فِي رَفْعِ الْقَلَمِ وَكَذَلِكَ الشُّبْهَةُ الَّتِي تُرْفَعُ مَعَهَا قِيَامُ الْحُجَّةِ: قَدْ تَكُونُ عُذْرًا فِي الظَّاهِرِ. فَهَذَا لَوْ فُرِضَ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ قُتِلَ ظُلْمًا وَلَا يُقَالَ إنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ وَلَا يُشْهَدُ بِمَا لَا يُعْلَمُ: فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنِ إذَا عَذَرَ الْحَلَّاجَ أَنْ يَدَّعِيَ فِيهِ الِاصْطِلَامَ وَالشُّبْهَةَ. وَأَمَّا أَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى مَا قُتِلَ عَلَيْهِ فَهَذَا حَالُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ قَتْلَ مِثْلِهِ فَهُوَ مَارِقٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.

الصفحة 486