كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

وَلِهَذَا: لَيْسَ عِنْدَهُمْ لِلْإِنْسَانِ غَايَةٌ وَرَاءَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يَنْكَشِفَ الْغِطَاءُ عَنْ نَفْسِهِ فَيَرَى أَنَّ نَفْسَهُ هِيَ الْحَقُّ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَحْجُوبًا عَنْهَا فَلَمَّا شَاهَدَ الْحَقِيقَةَ رَأَى أَنَّهُ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ إسْرَائِيلَ:
مَا بَالُ عِيسِك لَا يَقَرُّ قَرَارُهَا ... إلَّامَ ضَلَلِك لَا تَنِي مُنْتَقِلًا
فَلَسَوْفَ تَعْلَمُ أَنَّ سَيْرَك لَمْ يَكُنْ ... إلَّا إلَيْك إذَا بَلَغْت الْمَنْزِلَا
وَكَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ:
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَيْنُهُ [الْأَشْيَاءُ] (*)
وَاَللَّهُ يَقُولُ: {إنَّ إلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} وَيَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إلَى رَبِّكَ كَدْحًا} وَيَقُولُ: {ثُمَّ رُدُّوا إلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} وَيَقُولُ: {إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ التِّلْمِسَانِيُّ وَكَانَ رَاسِخَ الْقِدَمِ فِي هَذِهِ الزَّنْدَقَةِ الَّتِي أَسْمَوْا بِهَا التَّوْحِيدَ وَالْحَقِيقَةَ:
تَوَهَّمْت قِدَمًا أَنَّ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ ... وَأَنَّ حِجَابًا دُونَهَا يَمْنَعُ اللثما
فَلَاحَتْ فَلَا وَاَللَّهِ مَا كَانَ حَجْبُهَا ... سِوَى أَنَّ طَرَفِي كَانَ عَنْ حُبِّهَا أَعْمَى
وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيرٌ فِي هَذَا الْفَنِّ:
هِيَ الْجَوْهَرُ الصِّرْفُ الْقَدِيمُ وَإِنْ بَدَا ... لَهَا خُبْثٌ أَتَت بِهِ فَهُوَ حَادِثُ
__________
Q (*) الأشياء مقجمة ليست من البيت (انظر صيانة مجموع الفتاوى ص 254)

الصفحة 81