كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ أَيْضًا:
فَصْلٌ:
حَقِيقَة مَذْهَبِ الِاتِّحَادِيَّةِ - كَصَاحِبِ الْفُصُوصِ وَنَحْوِهِ - الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَيُصَرِّحُونَ بِهِ فِي مَوَاضِعَ - أَنَّ الْحَقَائِقَ تَتَّبِعُ الْعَقَائِدَ؛ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ السوفسطائية؛ فَكُلُّ مَنْ قَالَ شَيْئًا أَوْ اعْتَقَدَهُ؛ فَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِ هَذَا الْقَائِلِ الْمُعْتَقِدِ؛ وَلِذَا يَجْعَلُونَ الْكَذِبَ حَقًّا وَيَقُولُونَ الْعَارِفُ لَا يَكْذِبُ أَحَدًا فَإِنَّ الْكَذِبَ هُوَ أَيْضًا أَمْرٌ مَوْجُودٌ وَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْكَاذِبِ؛ فَإِنْ اعْتَقَدَهُ كَانَ حَقًّا فِي اعْتِقَادِهِ وَكَلَامِهِ. وَلَوْ قَالَ مَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ كَانَ حَقًّا فِي كَلَامِهِ فَقَطْ. وَلِهَذَا يَأْمُرُ الْمُحَقِّقُ أَنْ تُعْتَقَدَ كُلُّ مَا يَعْتَقِدُهُ الْخَلَائِقُ كَمَا قَالَ:
عَقَدَ الْخَلَائِقُ فِي الْإِلَهِ عقائدا ... وَأَنَا اعْتَقَدْت جَمِيعَ مَا اعْتَقَدُوهُ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاعْتِقَادَاتِ الْمُتَنَاقِضَةَ لَا تَكُونُ مُعْتَقَدَاتُهَا فِي الْخَارِجِ؛ لَكِنْ فِي نَفْسِ الْمُعْتَقَدِ؛ وَلِهَذَا يَأْمُرُونَ بِالتَّصْدِيقِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَالضِّدَّيْنِ وَيَجْعَلُونَ هَذَا مِنْ أُصُولِ طَرِيقِهِمْ وَتَحْقِيقِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّقِيضَيْنِ: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْخَارِجِ؛ لَكِنْ يُمْكِنُ اعْتِقَادُ اجْتِمَاعِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْمُعْتَقِدِ وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ كَشْفًا فَكَشْفُهُمْ مُتَنَاقِضٌ فَخَاطَبْت بِذَلِكَ بَعْضَهُمْ فَقَالَ: كِلَاهُمَا

الصفحة 98