كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 4)

فِي أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ - فَسَّرَهُ بِتَفْسِيرِ الصَّابِئَةِ الضَّالَّةِ الْمُنَجِّمِينَ وَجَعَلَ مِعْرَاجَ الرَّسُولِ تَرَقِّيه بِفِكْرِهِ إلَى الْأَفْلَاكِ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ رَآهُمْ هُمْ الْكَوَاكِبُ: فَآدَمُ هُوَ الْقَمَرُ وَإِدْرِيسُ هُوَ الشَّمْسُ وَالْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الْعَنَاصِرُ الْأَرْبَعَةُ وَأَنَّهُ عَرَفَ الْوُجُودَ الْوَاجِبَ الْمُطْلَقَ ثُمَّ إنَّهُ يُعَظِّمُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُ مِنْ الْأَسْرَارِ وَالْمَعَارِفِ الَّتِي يَجِبُ صَوْنُهَا عَنْ أَفْهَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَعُلَمَائِهِمْ حَتَّى إنَّ طَائِفَةً مِمَّنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ تَعَجَّبُوا مِنْهُ غَايَةَ التَّعَجُّبِ وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ لَهُ يَدْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى أَرَوْهُ النُّسْخَةَ بِخَطِّ بَعْضِ الْمَشَايِخِ الْمَعْرُوفِينَ الْخَبِيرِينَ بِحَالِهِ وَقَدْ كَتَبَهَا فِي ضِمْنِ كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ: " الْمَطَالِبَ الْعَالِيَةَ " وَجَمَعَ فِيهِ عَامَّةَ آرَاءِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِين.
وَتَجِدُ أَبَا حَامِدٍ الْغَزَالِيَّ - مَعَ أَنَّ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَحُسْنِ الْقَصْدِ وَتَبَحُّرِهِ فِي الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ أُولَئِكَ - يَذْكُرُ فِي كِتَابِ " الْأَرْبَعِينَ " وَنَحْوِهِ كِتَابَهُ: " الْمَضْنُونُ بِهِ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ "؛ فَإِذَا طَلَبْت ذَلِكَ الْكِتَابَ وَاعْتَقَدْت فِيهِ أَسْرَارَ الْحَقَائِقِ وَغَايَةَ الْمَطَالِبِ وَجَدْته قَوْلَ الصَّابِئَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ بِعَيْنِهِ قَدْ غُيِّرَتْ عِبَارَاتُهُمْ وَتَرْتِيبَاتُهُمْ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ حَقَائِقَ مَقَالَاتِ الْعِبَادِ وَمَقَالَاتِ أَهْلِ الْمِلَلِ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَاكَ هُوَ السِّرُّ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْمُكَاشِفُونَ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الْحَقَائِقَ بِنُورِ إلَهِيٍّ. فَإِنَّ أَبَا حَامِدٍ كَثِيرًا مَا يُحِيلُ فِي كُتُبِهِ عَلَى ذَلِكَ النُّورِ الْإِلَهِيِّ وَعَلَى مَا يَعْتَقِدُ

الصفحة 63