كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 8)

وَالثَّانِي: قَدْ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَيْهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد. وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ جَازَ لَهُ التَّكَلُّمُ بِهَا مَعَ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ.
وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى " الْعُقُودِ " كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا عِتَاقٌ وَلَا يَلْزَمُهُ نَذْرٌ وَلَا يَمِينٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ عِنْدَهُ وَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَلْزَمُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فَيَلْزَمُ مَعَ الْإِكْرَاهِ. وَأَمَّا الْمُكْرَهُ بِحَقِّ كَالْحَرْبِيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
فَقَوْلُ النَّاظِمِ:
وَالْجَبْرُ إنْ صَحَّ يَكُنْ مُكْرَهًا ... وَعِنْدَكَ الْمُكْرَهُ مَعْذُورُ
قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَتَيْنِ بَاطِلَتَيْنِ

الصفحة 504