كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 9)
إحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ؛ فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَصْلِ الْمُعَيَّنِ؛ فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا وَتَمَاثُلُهُمَا وَهُوَ إلْغَاءُ الْفَارِقِ هُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ بِإِبْدَاءِ الْعِلَّةِ؛ فَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْأَصْلِ إذَا كَانَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إثْبَاتُ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ إلَيْهِ فَيُذْكَرُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْمُشْتَرَكِ؛ وَهُوَ الْحَدُّ الْأَكْبَرُ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ وَقِيَاسِ الشُّمُولِ أَخَذُوا يُظْهِرُونَ كَوْنَ أَحَدِهِمَا ظَنِّيًّا فِي مَوَادَّ مُعَيَّنَةٍ وَتِلْكَ الْمَوَادُّ الَّتِي لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فِي قِيَاسِ الشُّمُولِ. وَإِلَّا فَإِذَا أَخَذُوهُ فِيمَا يُسْتَفَادُ بِهِ الْيَقِينُ مِنْ قِيَاسِ الشُّمُولِ؛ أَفَادَ الْيَقِينَ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ أَيْضًا. وَكَانَ ظُهُورُ الْيَقِينِ بِهِ هُنَاكَ أَتَمَّ. فَإِذَا قِيلَ فِي قِيَاسِ الشُّمُولِ: كُلُّ إنْسَانٍ حَيَوَانٌ وَكُلُّ حَيَوَانٍ جِسْمٌ فَكُلُّ إنْسَانٍ جِسْمٌ؛ كَانَ الْحَيَوَانُ هُوَ الْحَدَّ الْأَوْسَطَ، وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ؛ بِأَنْ يُقَالَ الْإِنْسَانُ جِسْمٌ قِيَاسًا عَلَى الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ؛ فَإِنَّ كَوْنَ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ حَيَوَانًا هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهَا أَجْسَامًا. وَإِذَا نُوزِعَ فِي عِلِّيَّةِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ؛ فَقِيلَ لَهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَيَوَانِيَّةَ تَسْتَلْزِمُ الْجِسْمِيَّةَ كَانَ هَذَا نِزَاعًا فِي قَوْلِهِ كُلُّ حَيَوَانٍ جِسْمٌ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إذَا سُمِّيَ عِلَّةً؛ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ؛ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِوُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ؛ أَوْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِذَلِكَ.
الصفحة 202
336