كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 9)

وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ قِيَاسَ الشُّمُولِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّمْثِيلِ وَأَنَّ الْعِلْمَ بِالْقَضَايَا الْكُلِّيَّةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْعِلْمِ بِمُعَيَّنِ أَصْلًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا عَلِمَ الْكُلِّيَّ مَعَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ فِي الْخَارِجِ كَانَ أَنْقَصَ مِنْ أَنْ يَعْلَمَهُ بِدُونِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِالْمُعَيَّنِ مَا زَادَهُ إلَّا كَمَالًا؛ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا نَفَوْهُ مِنْ صُورَةِ الْقِيَاسِ أَكْمَلُ مِمَّا أَثْبَتُوهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ فِي " الْمَنْطِقِ الْإِلَهِيِّ " بَلْ وَ " الطَّبِيعِيِّ " غَيَّرُوا بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ أَرِسْطُو لَكِنْ مَا زَادُوهُ فِي الْإِلَهِيِّ هُوَ خَيْرٌ مِنْ كَلَامِ أَرِسْطُو فَإِنِّي قَدْ رَأَيْت الْكَلَامَيْنِ. وَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ فِي الْإِلَهِيَّاتِ أَجْهَلُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِكَثِيرِ كَثِيرٍ. وَأَمَّا فِي الطَّبِيعِيَّاتِ فَغَالِبُ كَلَامِهِ جَيِّدٌ. وَأَمَّا الْمَنْطِقُ فَكَلَامُهُ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْإِلَهِيِّ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَضْعِيفِ " قِيَاسِ التَّمْثِيلِ " إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ مُتَأَخِّرِيهِمْ لَمَّا رَأَوْا اسْتِعْمَالَ الْفُقَهَاءِ لَهُ غَالِبًا وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهُ كَثِيرًا فِي الْمَوَادِّ الظَّنِّيَّةِ وَهُنَاكَ الظَّنُّ حَصَلَ مِنْ الْمَادَّةِ لَا مِنْ صُورَةِ الْقِيَاسِ فَلَوْ صَوَّرُوا تِلْكَ الْمَادَّةَ بِقِيَاسِ الشُّمُولِ لَمْ يُفِدْ أَيْضًا إلَّا الظَّنَّ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ ظَنُّوا أَنَّ الضَّعْفَ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ فَجَعَلُوا صُورَةَ قِيَاسِهِمْ يَقِينِيًّا وَصُورَةَ قِيَاسِ الْفُقَهَاءِ ظَنِّيًّا وَمَثَّلُوهُ بِأَمْثِلَةِ كَلَامِيَّةٍ لِيُقَرِّرُوا أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِالْأَقْيِسَةِ الظَّنِّيَّةِ كَمَا مَثَّلُوهُ مِنْ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ: بِأَنَّ الْفَلَكَ جِسْمٌ مُؤَلَّفٌ فَكَانَ مُحْدَثًا قِيَاسًا عَلَى الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُوَلَّدَاتِ ثُمَّ أَخَذُوا يُضَعِّفُونَ هَذَا الْقِيَاسَ. لَكِنْ إنَّمَا

الصفحة 205