كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 9)

فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ} وَثَبَتَ أَيْضًا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ: {أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قُبِضَتْ رُوحُهُ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ اُخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اُخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْك. وَيُقَالُ اُخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اُخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْك} وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ تَعْلَقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ} فَسَمَّاهَا نَسَمَةً. وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: {أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِبَلَ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَقِبَلَ شِمَالِهِ أَسْوِدَةٌ فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْأَسْوِدَةُ نَسَمُ بَنِيهِ: عَنْ يَمِينِهِ السُّعَدَاءُ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْقِيَاءُ} وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: {وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ} فَقَدْ سَمَّى الْمَقْبُوضَ وَقْتَ الْمَوْتِ وَوَقْتَ النَّوْمِ رُوحًا وَنَفْسًا. وَسَمَّى الْمَعْرُوجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ رُوحًا وَنَفْسًا. لَكِنْ يُسَمَّى نَفْسًا بِاعْتِبَارِ تَدْبِيرِهِ لِلْبَدَنِ وَيُسَمَّى رُوحًا بِاعْتِبَارِ لُطْفِهِ فَإِنَّ لَفْظَ " الرُّوحِ " يَقْتَضِي اللُّطْفَ وَلِهَذَا تُسَمَّى الرِّيحُ رُوحًا. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ} أَيْ مِنْ الرُّوحِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ فَإِضَافَةُ الرُّوحِ إلَى اللَّهِ إضَافَةُ مِلْكٍ لَا إضَافَةُ وَصْفٍ إذْ كَلُّ مَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ إنْ كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ صِفَةً قَائِمَةً بِغَيْرِهَا لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ تَقُومُ بِهِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ.

الصفحة 290