كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 16)

يَبْعَثُ إلَيْهِمْ رَسُولًا مُنْذِرًا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ وَتَتِمُّ عَلَى مَنْ آمَنَ النِّعْمَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا كَانُوا [ل] (1) يُتْرَكُوا سُدًى. قَالَ: وَلِهَذَا الْمَعْنَى نَظَائِرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ. لَكِنَّ الثَّالِثَ حَكَاهُ عَمَّنْ جَعَلَ مَقْصُودَهُ إهْلَاكَهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَجَعَلَ " مُنْفَكِّينَ " بِمَعْنَى هَالِكِينَ. فَقَالَ: لَمْ يَكُونُوا مُنْفَكِّينَ مُنْتَهِينَ عَنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ. وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: زَائِلِينَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا انْفَكَّ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا أَيْ مَا زَالَ. وَأَصْلُ الْفَكِّ: الْفَتْحُ وَمِنْهُ فَكُّ الْكِتَابِ وَفَكُّ الْخَلْخَالِ. {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ وَهُوَ مُحَمَّدٌ أَتَاهُمْ بِالْقُرْآنِ فَبَيَّنَ ضَلَالَتَهُمْ وَجَهَالَتَهُمْ. وَدَعَاهُمْ إلَى الْإِيمَانِ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ كيسان: مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ تَارِكِينَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِمْ حَتَّى بُعِثَ فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِيهِ. وَقَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ إلَى قَوْلِهِ: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} حُكْمُهَا فِيمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. {وَمَا تَفَرَّقَ} حُكْمُهُ فِيمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ.
_________
Q (1) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع، ولم أقف عليه في كتاب صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف

أسامة بن الزهراء - منسق الكتاب للموسوعة الشاملة

الصفحة 485