كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 16)

مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا. فَإِنَّهُ تَكْرِيرٌ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى. بَلْ مَعْنَى {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} فِي الْحَالِ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} فِي الْحَالِ {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} فِي الِاسْتِقْبَالِ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} فِي الِاسْتِقْبَالِ. قَالَ: فَقَدْ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ {لَا أَعْبُدُ} وَمَا بَعْدَهُ {وَلَا أَنَا} . وَتَكَرَّرَ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى. قَالَ: وَقِيلَ إنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ: وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا عَبَدْت وَمَعْنَى الثَّانِي: وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. فَعَدَلَ عَنْ لَفْظِ " عَبَدْت " لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ مَا عَبَدَ فِي الْمَاضِي هُوَ الَّذِي يَعْبُدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَدْ يَقَعُ أَحَدُهُمَا مَوْقِعَ الْآخَرِ. وَأَكْثَرُ مَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي إخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " مَا " وَالْفِعْلُ مَصْدَرًا وَقِيلَ إنَّ مَعْنَى الْآيَاتِ وَتَقْدِيرَهَا: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ الْأَصْنَامَ. الَّذِي تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ الَّذِي أَعْبُدُهُ لِإِشْرَاكِكُمْ بِهِ وَاِتِّخَاذِكُمْ مَعَهُ الْأَصْنَامَ. فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَهُ فَأَنْتُمْ كَاذِبُونَ لِأَنَّكُمْ تَعْبُدُونَهُ مُشْرِكِينَ بِهِ. فَأَنَا لَا أَعْبُدُ مَا عَبَدْتُمْ أَيْ مِثْلُ عِبَادَتِكُمْ. فَهُوَ فِي الثَّانِي مَصْدَرٌ. وَكَذَلِكَ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} هُوَ فِي الثَّانِي مَصْدَرٌ أَيْضًا مَعْنَاهُ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مِثْلَ عِبَادَتِي الَّتِي هِيَ تَوْحِيدٌ.

الصفحة 547