كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 16)

أَحْسَنَهُ} فَقَدْ قَسَّمَ الْقَوْلَ إلَى حَسَنٍ وَأَحْسَنَ وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ مُتَّبَعٌ وَهَذَا حُجَّتُهُمْ. فَيُقَالُ: الْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إلْزَامٌ وَحَلٌّ. " الْأَوَّلُ " أَنَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} وَمِثْلُ قَوْلِهِ: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} فَقَدْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِ أَحْسَنِ مَا أُنْزِلَ إلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَرَ بَنِي إسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِ التَّوْرَاةِ وَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ تِلْكَ الْآيَةِ؛ فَإِنَّ تِلْكَ إنَّمَا فِيهَا مَدْحٌ بِاتِّبَاعِ الْأَحْسَنِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ الْخَبَرُ وَالْأَمْرُ بِالْحَسَنِ وَالْأَحْسَنِ وَاتِّبَاعُ الْقَوْلِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَمُقْتَضَاهُ فِيهِ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ لَيْسَ كُلُّهُ أَحْسَنَ وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي نَفْسِهِ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ؛ فَفَرَّقَ بَيْنَ حَسَنِ الْكَلَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ وَبَيْنَ حَسَنِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُقْتَضَاهُ الْمَأْمُورِ وَالْمُخْبِرِ عَنْهُ. " الْوَجْهُ الثَّانِي " أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَالَ: {فَبَشِّرْ عِبَادِ} {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} وَالْقُرْآنُ تَضَمَّنَ خَبَرًا وَأَمْرًا فَالْخَبَرُ عَنْ الْأَبْرَارِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَعَنْ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ؛ فَلَا رَيْبَ أَنَّ اتِّبَاعَ الصِّنْفَيْنِ حَسَنٌ

الصفحة 6