كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 16)

{وَمَا كَسَبَ} يَتَنَاوَلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ: {سَيَصْلَى نَارًا} أَخْبَرَ بِزَوَالِ الْخَيْرِ وَحُصُولِ الشَّرِّ و " الصِّلِيّ " الدُّخُولُ وَالِاحْتِرَاقُ جَمِيعًا. وَقَوْلُهُ: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} إنْ كَانَ مَثَلًا لِلنَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا تُضْرِمُ الشَّرَّ فَيَكُونُ حَطَبَ الْقُلُوبِ وَقَدْ يُقَالُ: ذَنْبُهَا أَعْظَمُ وَحَمْلُ النَّمِيمَةِ لَا يُوصَفُ بِالْحَبْلِ فِي الْجِيدِ وَإِنْ كَانَ وَصْفًا لِحَالِهَا فِي الْآخِرَةِ كَمَا وَصَفَ بَعْلَهَا وَهُوَ يَصْلَى وَهِيَ تَحْمِلُ الْحَطَبَ عَلَيْهِ كَمَا أَعَانَتْهُ عَلَى الْكُفْرِ. فَيَكُونُ مِنْ حَشْرِ الْأَزْوَاجِ وَفِيهِ عِبْرَةٌ لِكُلِّ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْإِثْمِ أَوْ عَلَى إثْمٍ مَا أَوْ عُدْوَانٍ مَا. وَيَكُونُ الْقُرْآنُ قَدْ عَمَّمَ الْأَقْسَامَ الْمُمْكِنَةَ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ إمَّا كَإِبْرَاهِيمَ وَامْرَأَتِهِ وَإِمَّا هَذَا وَامْرَأَتُهُ وَإِمَّا فِرْعَوْنُ وَامْرَأَتُهُ وَإِمَّا نُوحٌ وَامْرَأَتُهُ وَلُوطٌ وَيَسْتَقِيمُ أَنْ يُفَسَّرَ حَمْلُ الْحَطَبِ بِالنَّمِيمَةِ بِحَمْلِ الْوَقُودِ فِي الْآخِرَةِ كَقَوْلِهِ: " {مَنْ كَانَ لَهُ لِسَانَانِ} إلَخْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
آخِرُ الْمُجَلَّدِ الْسَادِسِ عَشْرَ

الصفحة 603