كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

بِهِ الرَّسُولُ وَمَقَاصِدِ هَؤُلَاءِ يَقْبَلُ هَذَا. لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ مِمَّنْ لَهُ نَصِيبٌ وَافِرٌ فِي الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَالتَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ وَالْفِقْهِ وَالْعِبَادَةِ. وَرَأَى الطَّالِبُ أَنَّ هَذَا مَرْتَبَتُهُ فَوْقَ مَرْتَبَةِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ إنَّمَا يَعْرِفُونَ الشَّرْعَ الظَّاهِرَ وَفَوْقَ مَرْتَبَةِ الْمُحَدِّثِ الَّذِي غَايَتُهُ أَنْ يَنْقُلَ أَلْفَاظًا لَا يُعْلَمُ مَعَانِيهَا وَكَذَلِكَ الْمُقْرِئِ وَالْمُفَسِّرِ وَرَأَى مَنْ يُعَظِّمُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ إمَّا مُوَافِقٌ لَهُمْ وَإِمَّا خَائِفٌ مِنْهُمْ وَرَأَى بُحُوثَ الْمُتَكَلِّمِينَ مَعَهُمْ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ لَمْ يَأْتُوا بِتَحْقِيقِ يُبَيِّنُ فَسَادَ قَوْلِهِمْ بَلْ تَارَةً يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى أُصُولٍ لَهُمْ تَكُونُ فَاسِدَةً وَتَارَةً يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَمْرٍ قَالَتْهُ الْفَلَاسِفَةُ وَيَكُونُ حَقًّا مِثْلَ مَنْ يَرَى كَثِيرًا مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ يُخَالِفُهُمْ فِي أُمُورٍ طَبِيعِيَّةٍ وَرِيَاضِيَّةٍ ظَانًّا أَنَّهُ يَنْصُرُ الشَّرْعَ وَيَكُونُ الشَّرْعُ مُوَافِقًا لِمَا عُلِمَ بِالْعَقْلِ. مِثْلُ اسْتِدَارَةِ الْأَفْلَاكِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ بَيْنَ السَّلَفِ خِلَافٌ فِي أَنَّهَا مُسْتَدِيرَةٌ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مَعْرُوفَةٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَدْ دَلَّا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اسْتِحَالَةُ الْأَجْسَامِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ هُوَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ. إلَى أُمُورٍ أُخَرِ. لَكِنَّ كَثِيرَا مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ لَا خِبْرَةَ لَهُمْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَآثَارُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ؛ بَلْ يَنْصُرُ مَقَالَاتٍ يَظُنُّهَا دِينُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَكُونُ قَدْ قَالَهَا أَحَدٌ مِنْ

الصفحة 334