كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَأَمَّا أَهْلُ الِاصْطِلَاح مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ والمتفلسفة فَيَجْعَلُونَ مُسَمَّى الْجِسْمِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا أَمْكَنَتْ الْإِشَارَةُ الْحِسِّيَّةُ إلَيْهِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ هُنَا وَهُنَاكَ وَمَا قَبِلَ الْأَبْعَادَ الثَّلَاثَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْمُتَحَيِّزُ فِي اصْطِلَاحِ هَؤُلَاءِ هُوَ الْجِسْمُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْجِسْمِ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا الْمُتَحَيِّزُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} . وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَوْزُ الْجَمْعُ وَكُلُّ مَنْ ضَمٍّ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَقَدْ حَازَهُ حَوْزًا وَحِيَازَةً وَاحْتَازَهُ أَيْضًا وَالْحَوْزُ وَالْحَيِّزُ السُّوقُ اللَّيِّنُ وَقَدْ حَازَ الْإِبِلَ يَحُوزُهَا وَيَحِيزُهَا وَحَوَّزَ الْإِبِلَ سَاقَهَا إلَى الْمَاءِ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إذَا كَانَتْ الْإِبِلُ بَعِيدَةَ الْمَرْعَى عَنْ الْمَاءِ فَأَوَّلُ لَيْلَةٍ تُوَجِّهُهَا إلَى الْمَاءِ لَيْلَةُ الْحَوْزِ وَتَحَوَّزَتْ الْحَيَّةُ وَتَحَيَّزَتْ تَلَوَّتْ. يُقَالُ مَا لَك تَتَحَوَّزُ تَحَوُّزَ الْحَيَّةِ وَتَتَحَيَّزُ تَحَيُّزَ الْحَيَّةِ قَالَ سِيبَوَيْهِ هُوَ تَفَعُّلٌ مِنْ حُزْت الشَّيْءَ قَالَ الْقَطَامِيُّ: تَحَيَّزَ مِنِّي خَشْيَةَ أَنْ أُضِيفَهَا كَمَا انْحَازَتْ الْأَفْعَى مَخَافَةَ ضَارِبِ يَقُولُ تَتَنَحَّى عَنِّي هَذِهِ الْعَجُوزُ وَتَتَأَخَّرُ خَشْيَةَ أَنْ أَنْزِلَ عَلَيْهَا ضَيْفًا.

الصفحة 343