كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَالْحَيِّزُ مَا انْضَمَّ إلَى الدَّارِ مِنْ مَرَافِقِهَا وَكُلُّ نَاحِيَةٍ حَيِّزٌ وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَاوِ وَالْحَيِّزُ تَخْفِيفُ الْحَيِّزِ مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٌ وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ وَالْجَمْعُ أحياز وَالْحَوْزَةُ النَّاحِيَةُ وَانْحَازَ عَنْهُ انعدل وَانْحَازَ الْقَوْمُ تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ إلَى آخَرَ يُقَالُ لِلْأَوْلِيَاءِ انْحَازُوا عَنْ الْعَدُوِّ وَحَاصُوا وَالْأَعْدَاءُ انْهَزَمُوا وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَتَحَاوَزَ الْفَرِيقَانِ فِي الْحَرْبِ انْحَازَ كُلُّ فَرِيقٍ عَنْ الْآخَرِ. فَهَذَا الْمَذْكُورُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَمَادَّتِهِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحَيُّزَ وَالِانْحِيَازَ وَالتَّحَوُّزَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ عُدُولًا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ كَوْنِهِ يَحُوزُهُ أَمْرٌ مَوْجُودٌ فَهُمْ يُرَاعُونَ فِي مَعْنَى الْحَوْزِ ذَهَابَهُ مِنْ جِهَةٍ إلَى جِهَةٍ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: حُزْت الْمَالَ وَحُزْت الْإِبِلَ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ نَقْلَهُ مِنْ جِهَةٍ إلَى جِهَةٍ فَالشَّيْءُ الْمُسْتَقِرُّ فِي مَوْضِعِهِ كَالْجَبَلِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَا يُسَمُّونَهُ مُتَحَيِّزًا وَأَعَمُّ مِنْ هَذَا أَنْ يُرَادَ بِالْمُتَحَيِّزِ مَا يُحِيطُ بِهِ حَيِّزٌ مَوْجُودٌ فَيُسَمَّى كُلُّ مَا أَحَاطَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُتَحَيِّزٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مُتَحَيِّزٌ؛ بَلْ مَا فِي الْعَالَمِ مُتَحَيِّزٌ إلَّا سَطْحَ الْعَالَمِ الَّذِي لَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ وَكَذَلِكَ الْعَالَمُ جُمْلَةً لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي عَالَمٍ آخَرَ أَحَاطَ بِهِ والمتكلمون يُرِيدُونَ بِالْمُتَحَيِّزِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا وَالْحَيِّزُ عِنْدَهُمْ أَعَمُّ مِنْ الْمَكَانِ فَالْعَالَمُ كُلُّهُ فِي حَيِّزٍ وَلَيْسَ هُوَ فِي مَكَانٍ

الصفحة 344