كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَعَبَّرَ عَنْهُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ وَضْعًا لَهُ وَاصْطِلَاحًا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ هُوَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَلَا مِنْ لُغَةِ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ ثُمَّ يَجْعَلُ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ مُسَمَّى الْأَحَدِ وَالصَّمَدِ وَالْوَاحِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَجْعَلُ مَا نَفَاهُ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي أَثْبَتّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ تَمَامِ التَّوْحِيدِ. وَاسْمُ " التَّوْحِيدِ " اسْمٌ مُعَظَّمٌ جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ " وَنَزَلَتْ بِهِ الْكُتُبُ فَإِذَا جَعَلَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الَّتِي نَفَاهَا مِنْ التَّوْحِيدِ ظَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مُخَالَفَةَ مُرَادِهِ لِمُرَادِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَيُسَمِّي طَائِفَتَهُ الْمُوَحِّدِينَ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ تَوْحِيدًا. وَطَائِفَتُهُمْ الْمُوَحِّدِينَ وَيُسَمُّونَ عِلْمَهُمْ عِلْمَ التَّوْحِيدِ كَمَا تُسَمِّي الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ نَفْيَ الْقَدَرِ عَدْلًا وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ العدلية وَأَهْلَ الْعَدْلِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْبِدَعِ كَثِيرٌ جِدًّا يُعَبَّرُ بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَنْ مَعَانٍ مُخَالِفَةٍ لِمَا أَرَادَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَلَا يَكُونُ أَصْحَابُ تِلْكَ الْأَقْوَالِ تَلَقَّوْهَا ابْتِدَاءً عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ عَنْ شُبَهٍ حَصَلَتْ لَهُمْ وَأَئِمَّةٍ لَهُمْ وَجَعَلُوا التَّعْبِيرَ عَنْهَا بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حُجَّةً لَهُمْ وَعُمْدَةً لَهُمْ لِيَظْهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ مُتَابِعُونَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُخَالِفُونَ لَهُ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَعْرِفُونَ

الصفحة 352