كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

يَعْلَى فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ: أَثْبَتُوا الْعُلُوَّ وَجَعَلُوا الِاسْتِوَاءَ مِنْ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ الَّتِي يَقُولُونَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا إلَّا اللَّهُ " وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الْفَوْقِيَّةَ وَالْعُلُوَّ أَيْضًا مِنْ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ كَقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَأَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي أَوَّلِ قَوْلَيْهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ وَأَبِي بَكْرٍ البيهقي وَأَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَ أُولَئِكَ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعِهَا. (وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَعْتَقِدُ مِنْ الْآرَاءِ مَا يُنَاقِضُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يَجْعَلُونَ تِلْكَ النُّصُوصَ مِنْ الْمُتَشَابِهِ ثُمَّ إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَرَى الْوَقْفَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} قَالُوا لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا إلَّا اللَّهُ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ مُحَمَّدٌ وَجِبْرِيلُ وَلَا أَحَدٌ عَلِمَ مَعَانِيَ تِلْكَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ وَإِنْ رَأَوْا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} جَعَلُوا الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ مَا يُسَمُّونَهُ هُمْ تَأْوِيلًا وَيَقُولُونَ إنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا لَمْ يُبَيِّنْ الْحَقَّ بِخِطَابِهِ لِيَجْتَهِدَ النَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ بِعُقُولِهِمْ وَأَذْهَانِهِمْ وَيَجْتَهِدُونَ فِي تَخْرِيجِ أَلْفَاظِهِ عَلَى اللُّغَاتِ الْعَرَبِيَّةِ فَيَجْتَهِدُونَ فِي مَعْرِفَةِ غَرَائِبِ اللُّغَاتِ الَّتِي يَتَمَكَّنُونَ بِهَا مِنْ التَّأْوِيلِ وَهَذَا إنْ قَالُوا إنَّهُ قَصَدَ بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مَعْنًى حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ قَالُوا بِقَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ التَّأْوِيلَ. قَالُوا: لَمْ يَقْصِدْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ إلَّا مَا يَفْهَمُهُ الْعَامَّةُ

الصفحة 361