كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَمِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ قَالَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ التَّأْوِيلَ: مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ - {عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ} فَقَدْ دَعَا لَهُ بِعِلْمِ التَّأْوِيلِ مُطْلَقًا وَابْنُ عَبَّاسٍ فَسَّرَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ قَالَ مُجَاهِدٌ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا مِنْ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ. وَأَيْضًا فَالنُّقُولُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي جَمِيعِ مَعَانِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ فَلَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالْقَصَصِ وَمِنْ الْكَلَامِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْأَحْكَامِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي جَمِيعِ مَعَانِي الْقُرْآنِ. وَأَيْضًا قَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا مِنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ آيَاتِ الْأَحْكَامِ يُعْلَمُ تَأْوِيلُهَا وَهِيَ نَحْوُ خَمْسمِائَةِ آيَةٍ وَسَائِرُ الْقُرْآنِ خَبَرٌ عَنْ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ أَوْ عَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَوْ عَنْ الْقَصَصِ وَعَاقِبَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَعَاقِبَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَشَابِهَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إلَّا اللَّهُ

الصفحة 402