كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

فَمَا قَالَهُ النَّاسُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ بِقَوْلٍ دُونَ قَوْلٍ بِلَا عِلْمٍ وَلَا يُكَذِّبَ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُحِيطَ بِعِلْمِهِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ إلَّا إذَا عَرَفَ الْحَقَّ الَّذِي أُرِيدَ بِالْآيَةِ فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ فَيُكَذِّبَ بِالْبَاطِلِ الَّذِي أَحَاطَ بِعِلْمِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا وَلَمْ يُحِطْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عِلْمًا. فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْذِيبُ بِشَيْءٍ مِنْهَا مَعَ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْمُتَنَاقِضَةَ بَعْضُهَا بَاطِلٌ قَطْعًا وَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْمُكَذِّبُ بِالْقُرْآنِ كَالْمُكَذِّبِ بِالْأَقْوَالِ الْمُتَنَاقِضَةِ وَالْمُكَذِّبُ بِالْحَقِّ كَالْمُكَذِّبِ بِالْبَاطِلِ وَفَسَادُ اللَّازِمِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَلْزُومِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إنْ بُنِيَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَعَانِيَ الْآيَاتِ الْخَبَرِيَّةِ إلَّا اللَّهُ لَزِمَهُ أَنْ يُكَذِّبَ كُلَّ مَنْ احْتَجَّ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ خَبَرِيَّةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ قَالَ: الْمُتَشَابِهُ هُوَ بَعْضُ الْخَبَرِيَّاتِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ فَصْلًا يَتَبَيَّنُ بِهِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَاهُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ لَا مَلِكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرُهُمْ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا ذِكْرُ حَدٍّ فَاصِلٍ بَيْنَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ بَعْضُ النَّاسِ وَبَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ أَحَدٌ. وَلَوْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَ انْتَقَضَ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَيْسَ هُوَ

الصفحة 404