كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْ عَامَّةِ السَّلَفِ أَنَّ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ مِنْ الْمُتَشَابِهِ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ هُوَ مَجِيءُ الْمَوْعُودِ بِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَأْتِي بِهِ إلَّا هُوَ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ: إنْ عِلْمُ تَأْوِيلِهِ إلَّا عِنْدَ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي السَّاعَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} . فَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَقْتَضِي نَفْيَ الْعِلْمِ عَنْ الرَّاسِخِينَ لَكَانَتْ: إنْ عِلْمُ تَأْوِيلِهِ إلَّا عِنْدَ اللَّهِ لَمْ يُقْرَأْ إنْ تَأْوِيلُهُ إلَّا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّ هَذَا حَقٌّ بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُخْرَى الْمَرْوِيَّةُ عَنْ أبي وَابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُنَاقِضُهُ وَأَخَصُّ أَصْحَابِهِ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهَدٌ وَعَلَى تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ يَعْتَمِدُ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ كَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيِّ. قَالَ الثَّوْرِيُّ إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ. وَالشَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ أَكْثَر الَّذِي يَنْقُلُهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَة عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَكَذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ يَعْتَمِدُ عَلَى هَذَا

الصفحة 408