كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُونُوا الحرورية وَالسَّبَئِيَّةَ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ. وَالسَّبَئِيَّةُ نِسْبَةً إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ رَأْسِ الرَّافِضَةِ.
فَصْلٌ:
وَالْمَعْنَى الصَّحِيحُ الَّذِي هُوَ نَفْيُ الْمِثْلِ وَالشَّرِيكِ وَالنِّدِّ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {أَحَدٍ} وَقَوْلُهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وَقَوْلُهُ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَالْمَعَانِي الصَّحِيحَةُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: الْأَحَدُ أَوْ الصَّمَدُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يَتَفَرَّقُ أَوْ لَيْسَ بِمُرَكَّبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. هَذِهِ الْعِبَارَاتُ إذَا عُنِيَ بِهَا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّفَرُّقَ وَالِانْقِسَامَ فَهَذَا حَقٌّ وَأَمَّا إنْ عُنِيَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِحَالٍ أَوْ مِنْ جِنْسِ مَا يَعْنُونَ بِالْجَوْهَرِ الْفَرْدِ أَنَّهُ لَا يُشَارُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ دُونَ شَيْءٍ فَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُقَلَاءِ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ فِي الذِّهْنِ تَقْدِيرًا وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْعَرَبَ حَيْثُ أَطْلَقَتْ لَفْظَ " الْوَاحِدِ " و " الْأَحَدِ " نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لَمْ تُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} لَمْ يُرِدْ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الْوَاحِدَ وَالْأَحَدَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً

الصفحة 449