كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

لَهَا الْقَرَابِينَ وَيَنْذِرُونَ لَهَا النُّذُورَ وَيَقُولُونَ هَذِهِ تُذَكِّرُنَا بِأُولَئِكَ الصَّالِحِينَ. وَالشَّيَاطِينُ تُضِلُّهُمْ كَمَا كَانَتْ تُضِلُّ الْمُشْرِكِينَ: تَارَةً بِأَنْ يَتَمَثَّلَ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَيُعْبَدُ فَيَظُنُّ دَاعِيهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَى أَوْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ صَوَّرَ مَلَكًا عَلَى صُورَتِهِ فَإِنَّ النَّصْرَانِيَّ مَثَلًا يَدْعُو فِي الْأَسْرِ وَغَيْرِهِ مَارّ جرجس أَوْ غَيْرَهُ فَيَرَاهُ قَدْ أَتَاهُ فِي الْهَوَاءِ وَكَذَلِكَ أُخَرُ غَيْرُهُ وَقَدْ سَأَلُوا بَعْضَ بَطَارِقَتِهِمْ عَنْ هَذَا كَيْفَ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ فَقَالَ: هَذِهِ مَلَائِكَةٌ يَخْلُقُهُمْ اللَّهُ عَلَى صُورَتِهِ تُغِيثُ مَنْ يَدْعُوهُ وَإِنَّمَا تِلْكَ شَيَاطِينُ أَضَلَّتْ الْمُشْرِكِينَ. وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالشِّرْكِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَدْعُو وَيَسْتَغِيثُ بِشَيْخِهِ الَّذِي يُعَظِّمُهُ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ يَسْتَغِيثُ بِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَيَسْأَلُهُ وَقَدْ يَنْذِرُ لَهُ نَذْرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَيَرَى ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَتَاهُ فِي الْهَوَاءِ وَدَفَعَ عَنْهُ بَعْضَ مَا يَكْرَهُ أَوْ كَلَّمَهُ بِبَعْضِ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَيَظُنُّهُ الشَّيْخُ نَفْسَهُ أَتَى إنْ كَانَ حَيًّا حَتَّى أَنِّي أَعْرِفُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمَاعَاتٍ يَأْتُونَ إلَى الشَّيْخِ نَفْسِهِ الَّذِي اسْتَغَاثُوا بِهِ وَقَدْ رَأَوْهُ أَتَاهُمْ فِي الْهَوَاءِ فَيَذْكُرُونَ ذَلِكَ لَهُ. هَؤُلَاءِ يَأْتُونَ إلَى هَذَا الشَّيْخِ وَهَؤُلَاءِ يَأْتُونَ إلَى هَذَا الشَّيْخِ فَتَارَةً يَكُونُ الشَّيْخُ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الرِّيَاسَةَ سَكَتَ وَأَوْهَمَ أَنَّهُ نَفْسَهُ أَتَاهُمْ وَأَغَاثَهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ صِدْقٌ مَعَ جَهْلٍ وَضَلَالٍ قَالَ: هَذَا مَلَكٌ صَوَّرَهُ اللَّهُ عَلَى

الصفحة 456