كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 17)

وَكَانَ قَدْ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ وَكَانُوا مَشْغُولِينَ بِبَعْضِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُمْ فِيهَا فِي جِهَادٍ. وَأَيْضًا أَهْلُ السَّفِينَةِ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ لَمْ يَكُونُوا كَغَيْرِهِمْ وَالْقِتَالُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْغَنِيمَةِ فَلَيْسَتْ الْغَنِيمَةُ كَمُبَاحٍ اشْتَرَكَ فِيهِ نَاسٌ مِثْلَ الِاحْتِشَاشِ وَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ مَقْصُودُهُ هُوَ اكْتِسَابُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ بَلْ مَنْ قَاتَلَ فِيهَا لِأَجْلِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِهَذَا لَمْ تُبَحْ الْغَنَائِمُ لِمَنْ قَبْلَنَا وَأُبِيحَتْ لَنَا مَعُونَةً عَلَى مَصْلَحَةِ الدِّينِ. فَالْغَنَائِمُ أُبِيحَتْ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ فَمَنْ كَانَ قَدْ نَفَعَ الْمُجَاهِدِينَ بِنَفْعٍ اسْتَعَانُوا بِهِ عَلَى تَمَامِ جِهَادِهِمْ جُعِلَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْمُسْلِمُونَ يَدٌ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ مُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ} . فَإِنَّ الْمُتَسَرِّيَ إنَّمَا تَسَرَّى بِقُوَّةِ الْقَاعِدِ فَالْمُعَاوِنُونَ لِلْمُجَاهِدِينَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَوْضِعٌ آخَرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: ذِكْرُ مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ مُتَابَعَتُهُ فِي قَصْدِهِ فَإِذَا قَصَدَ مَكَانًا لِلْعِبَادَةِ فِيهِ كَانَ قَصْدُهُ لِتِلْكَ

الصفحة 496