كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 19)

الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَقَدْ رُوِيَ: " أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي رُبَضِ الْجَنَّةِ تَرَاهُمْ الْإِنْسُ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ ". وَهَذَا الْقَوْلُ مَأْثُورٌ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: إنَّ ثَوَابَهُمْ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَدْ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} قَالُوا: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَأَتِّي الطَّمْثِ مِنْهُمْ لِأَنَّ طَمْثَ الْحُورِ الْعِينِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا كَانَ الْجِنُّ أَحْيَاءً عُقَلَاءَ مَأْمُورِينَ مَنْهِيِّينَ لَهُمْ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ وَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِيهِمْ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْإِنْسِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالدَّعْوَةِ إلَى اللَّهِ كَمَا شَرَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكَمَا دَعَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعَامِلُهُمْ إذَا اعْتَدَوْا بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْمُعْتَدُونَ فَيَدْفَعُ صَوْلَهُمْ بِمَا يَدْفَعُ صَوْلَ الْإِنْسِ.
وَصَرْعُهُمْ لِلْإِنْسِ قَدْ يَكُونُ عَنْ شَهْوَةٍ وَهَوًى وَعِشْقٍ كَمَا يَتَّفِقُ لِلْإِنْسِ مَعَ الْإِنْسِ وَقَدْ يَتَنَاكَحُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَيُولَدُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ وَهَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ وَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ وَكَرِهَ أَكْثَرُ

الصفحة 39