كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 20)

وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَمَا بَعْدَهُ وَمَكَانٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى فَلَا يُمْكِنُهُ إحْلَالُ الْحَجِّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَكَانِهِ كَمَا لَا يُمْكِنُهُ إحْلَالُ الصِّيَامِ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا كَانَ مَعْذُورًا كَالْمُحْصَرِ فَهَذَا كَالْمَعْذُورِ فِي الْفِطْرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذَا أَفْسَدَهَا فَإِنَّهُ يَبْتَدِيهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَالْحَجُّ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْأَكْلُ نَاسِيًا؛ فَاَلَّذِينَ قَالُوا: هُوَ خِلَافُ الْقِيَاسِ قَالُوا: هُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَمَنْ تَرَكَ الْمَأْمُورَ نَاسِيًا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ نَاسِيًا أَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الصِّيَامِ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ عِبَادَتُهُ إلَّا مِنْ فِعْلِ مَحْظُورٍ وَلَكِنْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ يَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَحْظُورًا نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ عِبَادَتُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ مَحْظُورًا نَاسِيًا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ {قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: قَدْ فَعَلْت} وَهَذَا مِمَّا لَا يَتَنَازَعُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ النَّاسِيَ لَا يَأْثَمُ. لَكِنْ يَتَنَازَعُونَ فِي بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ إذَا لَمْ يَأْثَمْ لَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ مُحَرَّمًا لَمْ تَبْطُلْ عِبَادَتُهُ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ إنَّمَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَإِذَا كَانَ مَا فَعَلَهُ مِنْ بَابِ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ نَاسٍ فِيهِ لَمْ تَبْطُلْ عِبَادَتُهُ. وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنْ

الصفحة 569