كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 21)

وَبِأُصُولِ مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُفَرِّطَ لَا تَتَنَاوَلُ الْعَاجِزَ عَنْ الْمُوَالَاةِ فَالْحَدِيثُ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ} . فَهَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَالْمَأْمُورُ بِالْإِعَادَةِ مُفَرِّطٌ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى غَسْلِ تِلْكَ اللَّمْعَةِ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى غَسْلِ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا بِإِهْمَالِهَا وَعَدَمِ تَعَاهُدِهِ لِجَمِيعِ الْوُضُوءِ بَقِيَتْ اللُّمْعَةُ نَظِيرَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَنَادَاهُمْ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: {وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ} . وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ: {أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَك فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى} . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالْقَدَمُ كَثِيرًا مَا يُفَرِّطُ الْمُتَوَضِّئُ بِتَرْكِ اسْتِيعَابِهَا حَتَّى قَدْ اعْتَقَدَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ أَنَّهَا لَا تُغْسَلُ بَلْ فَرْضُهَا مَسْحُ ظَهْرِهَا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الشِّيعَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَسْلِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ لَمْ يُوجِبُوا الْمُوَالَاةَ عُمْدَتُهُمْ فِي الْأَمْرِ حَدِيثٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: {أَنَّهُ تَوَضَّأَ [فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا] (1) .
__________
Q (1) بياض بالأصل، والمثبت من الموطأ 1 / 36 (43)
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص 173) :
وهذا الحديث المستدل به هو ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر: " أنه بال في السوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها ".

الصفحة 136