كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 23)

يَقُولُونَ: إنَّهُ لَيْسَ بِمَنْسُوخِ وَإِنَّمَا يَقُولُ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ مَنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ إنَّ ذِي الْيَدَيْنِ مَاتَ قَبْلَ بَدْرٍ وَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً. فَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ بِنَسْخِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ فَاَلَّذِينَ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ هُنَا قَدْ رَدُّوا قَوْلَهُ بِالنَّسْخِ هُنَاكَ وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ بِنَسْخِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ هُمْ يَأْمُرُونَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ فَكُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ ادَّعَتْ نَسْخَ الْحَدِيثِ فِيمَا يُخَالِفُ قَوْلَهَا بِلَا حُجَّةٍ وَالْحَدِيثُ مُحْكَمٌ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ وَفِي أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لَيْسَ لِوَاحِدِ مِنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَارِضٌ يَنْسَخُهُ. وَأَيْضًا فَالنَّسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِمَا يُنَاقِضُ الْمَنْسُوخَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَمْ يَنْقُلْ مُسْلِمٌ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَبَطَلَ النَّسْخُ. وَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ بحينة لَمَّا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَفِي حَدِيثِ الشَّكِّ فَلَا مُنَافَاةَ؛ لَكِنَّ هَذَا الظَّانَّ ظَنَّ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ فِي صُورَةٍ قَبْلَ السَّلَامِ كَانَ هَذَا نَسْخًا لِلسُّجُودِ بَعْدَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ سَجَدَ تَارَةً قَبْلَ

الصفحة 21