كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 23)

لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ. وَقَوْلُهُ: " {فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا} تَعْلِيلٌ بِوُجُوبِ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ. فَإِنَّ كَوْنَهَا رُكْنًا اقْتَضَى أَنْ تُسْتَثْنَى فِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً عَلَيْهِ كَفَرَائِضِ الْكِفَايَاتِ إذَا قَامَ بِهَا طَائِفَةٌ سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ ثُمَّ قَامَ بِهَا آخَرُونَ فَإِنَّهُ يُقَالُ: هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ إسْقَاطُهَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ: الْجِنَازَةُ تُفْعَلُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ وَإِنْ فُعِلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فَرْضًا فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ إسْقَاطُهَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ. وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ هِيَ رُكْنٌ وَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَجْتَزِئَ بِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهَا بِنَفْسِهِ. وَهَذَا كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ كَصَدَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا هَلْ تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ ابْتِدَاءً أَوْ تَحَمُّلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّهَا تُحْمَلُ فَلَوْ أَخْرَجَتْهَا الزَّوْجَةُ لَجَازَ فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ مُخَيَّرَةً بَيْنَ أَنْ تُخْرِجَهَا وَبَيْنَ أَنْ تُلْزِمَ الزَّوْجَ بِإِخْرَاجِهَا فَلَوْ أَخْرَجَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَخْرَجَتْهَا هِيَ وَلَمْ تَعْتَدَّ بِذَلِكَ الْإِخْرَاجِ لَكَانَ، لَكِنَّ الْإِمَامَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قِرَاءَةٍ وَهُوَ يَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَأْمُومِ. فَالْقِرَاءَةُ الْوَاحِدَةُ تُجْزِي عَنْ إمَامِهِ وَعَنْهُ وَإِنْ قَرَأَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ فَحَسَنٌ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لَكِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ.

الصفحة 311