كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 23)

فَإِنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّهْيِ فَلَا يُفِيدُ إلَّا الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَنْهِيِّينَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِهَا لَا يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فِي حَالِ سَكَتَاتِهِ. يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ جُمْهُورَ الْمُنَازِعِينَ يُسَلِّمُونَ أَنَّهُ فِي صَلَاةِ السِّرِّ يَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسَلِّمُونَ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَقْرَأَ بِمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي سَكَتَاتِ الْإِمَامِ قَرَأَ وَأَنَّ الْبَعِيدَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ يَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَبِمَا زَادَ. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا النَّهْيُ خَاصًّا فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ. وَاسْتِثْنَاءُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِإِمْكَانِ قِرَاءَتِهَا فِي سَكَتَاتِهِ. يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عبادة بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ} وَفِي رِوَايَةٍ {بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَرَوَاهَا (1) عَنْ عبادة بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: {كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إمَامِكُمْ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالدَّارَقُطْنِي وَقَالَ إسْنَادَهُ حَسَنٌ.
__________
Q (1) بياض بالأصل
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص 194) :
ولعل موضع البياض الأول [يقصد الموجود في هذه الصفحة] هو: [ابن اسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع] ، وقد وراه بهذا اللفظ والسند: أحمد (5 / 311) ، وأبو داود (823) والترمذي (311) ، وابن خزيمة (1581) ، وغيرهم.

الصفحة 314