كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 23)

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُونَ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْوُجُوبُ عَلَى قَوْلَيْنِ: (أَحَدُهُمَا قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَالثَّانِي: أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا زَمَنٌ تَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ: هَلْ يَلْزَمُهَا فِعْلُ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ مَعَ الْأُولَى؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد. وَالْأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرِ جَدِيدٍ وَلَا أَمْرَ هُنَا يَلْزَمُهَا بِالْقَضَاءِ وَلِأَنَّهَا أَخَّرَتْ تَأْخِيرًا جَائِزًا فَهِيَ غَيْرُ مُفْرِطَةٍ. وَأَمَّا النَّائِمُ أَوْ النَّاسِي وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْرِطٍ أَيْضًا فَإِنَّ مَا يَفْعَلُهُ لَيْسَ قَضَاءً بَلْ ذَلِكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي حَقِّهِ حِينَ يَسْتَيْقِظُ وَيَذْكُرُ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا} وَلَيْسَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ وَقْتِهَا وَإِنَّمَا وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ كَأَمْرِهِ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ بِالْإِعَادَةِ لَمَّا تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا وَكَأَمْرِهِ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ مُنْفَرِدًا بِالْإِعَادَةِ لَمَّا تَرَكَ الْمُصَافَّةَ الْوَاجِبَةَ وَكَأَمْرِهِ

الصفحة 335