كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 23)

بِاجْتِهَادِ أَوْ تَقْلِيدٍ إنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَهُوَ يُنَفِّذُ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ اقْتِدَائِهِ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ حُكْمُهُ بَاطِلًا لَمْ يَجُزْ إنْفَاذُ الْبَاطِلِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الطَّهَارَةَ نَاسِيًا لَمْ يُعِدْ الْمَأْمُومُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. كَمَا ثَبَتَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مَعَ أَنَّ النَّاسِيَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَالْمُتَأَوِّلُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. فَإِذَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَلِأَنْ تَصِحَّ خَلْفَ مَنْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَوْلَى وَالْإِمَامُ يُعِيدُ إذَا ذَكَرَ دُونَ الْمَأْمُومِ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْإِمَامِ وَلَا مِنْ الْمَأْمُومِ تَفْرِيطٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَرْجِعُ عَنْ اعْتِقَادِهِ بِقَوْلِهِ. بِخِلَافِ مَا إذَا رَأَى عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةً وَلَمْ يُحَذِّرْهُ مِنْهَا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا مُفَرِّطٌ فَإِذَا صَلَّى يُعِيدُ لِأَنَّ ذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يُعِيدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَحْمَد فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَعِلْمُ الْمَأْمُومِ بِحَالِ الْإِمَامِ فِي صُورَةِ التَّأْوِيلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ مَغْفُورٌ لَهُ خَطَؤُهُ فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 380