كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 24)

قُلْت: هَؤُلَاءِ لَمْ يَذْكُرُوا مَسَافَةً مَحْدُودَةً لِلْقَصْرِ لَا بِالزَّمَانِ وَلَا بِالْمَكَانِ؛ لَكِنْ جَعَلُوا هَذَا الْجِنْسَ مِنْ السَّيْرِ لَيْسَ سَفَرًا كَمَا جَعَلَ عُثْمَانُ السَّفَرَ مَا كَانَ فِيهِ حَمْلُ زَادٍ وَمَزَادٍ. فَإِنْ كَانُوا قَصَدُوا مَا قَصَدَهُ عُثْمَانُ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يَزَالُ يَسِيرُ فِي مَكَانٍ [لَا] (1) يُحْمَلُ فِيهِ الزَّادُ وَالْمَزَادُ فَهُوَ كَالْمُقِيمِ فَقَدْ وَافَقُوا عُثْمَانَ؛ لَكِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ خَالَفَ عُثْمَانَ فِي إتْمَامِهِ بِمِنَى. وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُمْ أَنَّ أَعْمَالَ الْبَلَدِ تَبَعٌ لَهُ كَالسَّوَادِ مَعَ الْكُوفَةِ وَإِنَّمَا الْمُسَافِرُ مَنْ خَرَجَ مِنْ عَمَلٍ إلَى عَمَلٍ: كَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ: مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ. فَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ السَّوَادِ: فَإِنَّهُ مِنْ مِصْرِكُمْ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَا حَوْلَ الْمِصْرِ مِنْ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ تَابِعَةٌ لَهُ فَهُمْ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَإِنْ طَالَ وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ مَسَافَةً. وَهَذَا كَمَا أَنَّ " الْمَخَالِيفَ " وَهِيَ الْأَمْكِنَةُ الَّتِي يُسْتَخْلَفُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَلِيفَةٌ عَنْ الْأَمِيرِ الْعَامِّ بِالْمِصْرِ الْكَبِيرِ وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ: مَنْ خَرَجَ مِنْ مِخْلَافٍ إلَى مِخْلَافٍ. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْت قَيْسَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - وَهُوَ رَدِيفُهُ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ - مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي بِهَذَا قَيْسُ بْنُ عِمْرَانَ وَأَبُوهُ عِمْرَانُ بْنُ عُمَيْرٍ شَاهِدٌ وَعُمَيْرٌ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.
_________
Q (1) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع، ولم أقف عليه في كتاب صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف

أسامة بن الزهراء - منسق الكتاب للموسوعة الشاملة

الصفحة 116