كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 26)

وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} . وَلِهَذَا كَانَ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَتْ شَرَائِعُهُمْ مُتَنَوِّعَةً. قَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} . وَأَمَّا النِّيَّةُ الثَّانِيَةُ: فَبِهَا تَتَمَيَّزُ أَنْوَاعُ الْعِبَادَاتِ وَأَجْنَاسُ الشَّرَائِعِ فَيَتَمَيَّزُ الْمُصَلِّي مِنْ الْحَاجِّ وَالصَّائِمِ وَيَتَمَيَّزُ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَصُومُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مِمَّنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَيَصُومُ شَيْئًا مِنْ شَوَّالٍ وَيَتَمَيَّزُ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ مِمَّنْ يَتَصَدَّقُ مِنْ نَذْرٍ عَلَيْهِ أَوْ كَفَّارَةٍ. وَأَصْنَافُ الْعِبَادَاتِ مِمَّا تَتَنَوَّعُ فِيهِ الشَّرَائِعُ إذْ الدِّينُ لَا قِوَامَ لَهُ إلَّا الشَّرِيعَةُ إذْ أَعْمَالُ الْقُلُوبِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِأَعْمَالِ الْأَبْدَانِ كَمَا أَنَّ الرُّوحَ لَا قِوَامَ لَهَا إلَّا بِالْبَدَنِ. أَعْنِي مَا دَامَتْ فِي الدُّنْيَا. وَكَمَا أَنَّ مَعَانِيَ الْكَلَامِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْأَلْفَاظِ وَبِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى يَصِيرُ الْكَلَامُ كَلَامًا وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ، وَاللَّفْظُ

الصفحة 25