كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 27)

ذَلِكَ. وَقَدْ يَحْصُلُ فِي الْأَفْضَلِ مُعَارِضٌ رَاجِحٌ يَجْعَلُهُ مَفْضُولًا: مِثْلُ مَنْ يُجَاوِرُ بِمَكَّةَ مَعَ السُّؤَالِ وَالِاسْتِشْرَافِ وَالْبِطَالَةِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ يَطْلُبُ الْإِقَامَةَ بِالشَّامِ لِأَجْلِ حِفْظِ مَالِهِ وَحُرْمَةِ نَفْسِهِ لَا لِأَجْلِ عَمَلٍ صَالِحٍ. فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ إنَّمَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ} قَالَ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَدْ هَاجَرَ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ. وَإِذَا فَضَّلْت جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ تَفْضِيلَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ كَتَفْضِيلِ الْقَرْنِ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَتَفْضِيلِ الْعَرَبِ عَلَى مَا سِوَاهُمْ وَتَفْضِيلِ قُرَيْشٍ عَلَى مَا سِوَاهُمْ. فَهَذَا هَذَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 47