كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 27)

الْمُقَرَّبُونَ فَهُمْ الَّذِينَ تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ} . وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ جِنْسَ النُّسَّاكِ الزُّهَّادِ السَّاكِنِينَ فِي الْأَمْصَارِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ سَاكِنِي الْبَوَادِي وَالْجِبَالِ كَفَضِيلَةِ الْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ وَالْمُهَاجِرِ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} وَفِي الْحَدِيثِ: {إنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ أَنْ يَرْتَدَّ الرَّجُلُ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ} هَذَا لِمَنْ هُوَ سَاكِنٌ فِي الْبَادِيَةِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ فَكَيْفَ بِالْمُقِيمِ وَحْدَهُ دَائِمًا فِي جَبَلٍ أَوْ بَادِيَةٍ فَإِنَّ هَذَا يَفُوتُهُ مِنْ مَصَالِحِ الدِّينِ نَظِيرُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَصَالِحَ الدُّنْيَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ؛ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالشَّيْطَانُ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ.

الصفحة 56