كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 32)
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (*)
عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} وَقَدْ أَبَاحَ الْعُلَمَاءُ التَّزْوِيجَ بالنصرانية وَالْيَهُودِيَّةِ: فَهَلْ هُمَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ جَائِزٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَرِهَ نِكَاحَ النَّصْرَانِيَّةِ. وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ شُرَكَاءَ أَعْظَمَ مِمَّنْ تَقُولُ إنَّ رَبَّهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. وَهُوَ الْيَوْمُ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ احْتَجُّوا بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَبِقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} . وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: " أَحَدُهَا " أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْمُشْرِكِينَ فَجُعِلَ أَهْلُ الْكِتَابِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} .
__________
Q (*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص 233 - 234) :
هنا أمران:
الأول: وردت هذه الفتوى سابقا في 14 / 91 - 93، ولكنها في الموضع السابق ناقصة، وقد سبق التنبيه على ذلك أثناء الكلام على المجلد الرابع عشر.
والثاني: أنه قد وقع تصحيف في هذا الموضع، وهو قوله: 32 / 179 (فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين؛ لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد، لا بالشرك) ، وصواب العبارة كما في 14 / 92 (فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذى لم يأمر الله به، وحيث ميزهم عن المشركين، فلأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التى جاءت بالتوحيد لا بالشرك) ، والله تعالى أعلم.
الصفحة 178