كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 33)

وَالثَّالِثُ " صِيغَةُ تَعْلِيقِ " كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَيُسَمَّى هَذَا طَلَاقًا بِصِفَةِ. فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُ صَاحِبِهِ الْحَلِفَ وَهُوَ يَكْرَهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الصِّفَةِ. " فَالْأَوَّلُ " حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت يَمِينًا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَحِلْفٌ بِالطَّلَاقِ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ نَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لِقَصْدِ الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ هَدْيٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ: الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَعَلَيَّ الْحَجُّ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ الْمُؤَخَّرَ فِي صِيغَةِ الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ وَالْمَنْفِيُّ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ مُثْبَتٌ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ. " وَالثَّانِي " وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الصِّفَةِ. فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ كَمَا يَقَعُ الْمُنْجَزُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَكَذَلِكَ إذَا وَقَّتَ الطَّلَاقَ بِوَقْتِ؛ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ. وَقَدّ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُقُوعِ هَذَا الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا قَدِيمًا؛ لَكِنْ ابْنُ حَزْمٍ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِيَّةِ مَعَ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَكَرَ فِي " كِتَابِ الْإِجْمَاعِ " إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ

الصفحة 46