كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً: هَلْ يَدْفَعُ الْكَفَّارَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ؟ أَوْ يُطَالَبُ بِدِيَةِ الْقَتْلِ؟
فَأَجَابَ:
" قَتْلُ الْخَطَأِ " لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا إثْمَ فِيهِ. وَأَمَّا الْقَاتِلُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْإِثْمُ فَإِذَا عفى عَنْهُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَوْ أَخَذُوا الدِّيَةَ: لَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ حَقُّ الْمَقْتُولِ فِي الْآخِرَةِ. وَإِذَا قَتَلُوهُ فَفِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا يَسْقُطَ؛ لَكِنَّ الْقَاتِلَ إذَا كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ أُخِذَ مِنْهُ بَعْضُهَا مَا يَرْضَى بِهِ الْمَقْتُولُ أَوْ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ مِنْ عِنْدِهِ إذَا تَابَ الْقَاتِلُ تَوْبَةً نَصُوحًا. وَقَاتِلُ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَالدِّيَةُ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ وَالْمُعَاهَدِ كَمَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ؛ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ مُتَقَدِّمٌ؛ لَكِنَّ بَعْضَ مُتَأَخِّرِي الظَّاهِرِيَّةِ زَعَمَ أَنَّهُ الَّذِي لَا دِيَةَ لَهُ.

الصفحة 138