كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

وَأَمَّا " الْقَاتِلُ عَمْدًا " فَفِيهِ الْقَوَدُ فَإِنْ اصْطَلَحُوا عَلَى الدِّيَةِ. جَازَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فَكَانَتْ الدِّيَةُ مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ؛ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. وَأَمَّا " الْكَفَّارَةُ " فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: قَتْلُ الْعَمْدِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُكَفَّرَ كَذَلِكَ قَالُوا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ. هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَمَا اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الزِّنَى أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُكَفَّرَ؛ فَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: بَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِثْمَ لَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الْكَفَّارَةِ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ جَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ رَجُلٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ: فَهَلْ لِأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ؛ أَمْ لَا؟ وَإِذَا وَافَقَ وَلِيُّ الصِّغَارِ - الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ - عَلَى الْقَتْلِ مَعَ الْكِبَارِ: فَهَلْ يُقْتَلُونَ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَهُمْ أَنْ يَعْفُوا. فَإِذَا اتَّفَقَ الْكِبَارُ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى

الصفحة 139