كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ: فَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ؛ لِاعْتِقَادِهِ. وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ مُخْطِئًا وَبِهَذَا قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَطِئُوا وَجَاءَهُمْ أَوْلَادٌ لَوْ كَانُوا قَدْ وَطِئُوا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُتَّفَقٍ عَلَى فَسَادِهِ وَكَانَ الطَّلَاقُ وَقَعَ بِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ وَطِئُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ؛ لِإِفْتَاءِ مَنْ أَفْتَاهُمْ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ: كَانَ نَسَبُ الْأَوْلَادِ بِهِمْ لَاحِقًا وَلَمْ يَكُونُوا أَوْلَادَ زِنَا؛ بَلْ يَتَوَارَثُونَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. هَذَا فِي الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ فَكَيْفَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ؟ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الَّذِي وَطِئَ بِهِ قَوْلًا ضَعِيفًا: كَمَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَوْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ؛ فَإِنَّ هَذَا إذَا وَطِئَ فِيهِ يَعْتَقِدُهُ نِكَاحًا لَحِقَهُ فِيهِ النَّسَبُ فَكَيْفَ بِنِكَاحِ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَقَدْ ظَهَرَتْ حُجَّةُ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ وَظَهَرَ ضَعْفُ الْقَوْلِ الَّذِي يُنَاقِضُهُ وَعَجْزُ أَهْلِهِ عَنْ نُصْرَتِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ؛ لِانْتِفَاءِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ؟ فَمَنْ قَالَ إنَّ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ مِثْلَهُ يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ وَلَدَ زِنًا لَا يَتَوَارَثَانِ هُوَ وَأَبُوهُ الْوَطْءُ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. مُنْسَلِخٌ مِنْ رُتْبَةِ الدِّينِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُرِّفَ وَبُيِّنَ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ الرَّاشِدِينَ وَسَائِرَ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَلْحَقُوا أَوْلَادَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالْإِجْمَاعِ؛ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي لُحُوقِ النَّسَبِ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ جَائِزًا فِي شَرْعِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ

الصفحة 15