كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

خَاصٍّ؛ بَلْ لَفْظُ الْمَيْسِرِ يَعُمُّهَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ النَّرْدَ وَالشِّطْرَنْجَ مُحَرَّمَانِ بِعِوَضِ وَغَيْرِ عِوَضٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} - إلَى قَوْلِهِ - {إذَا حَلَفْتُمْ} وَقَوْلُهُ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} تَنَاوَلَ أَيْمَانَ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي كَانُوا يَحْلِفُونَ بِهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَلَّتِي صَارُوا يَحْلِفُونَ بِهَا بَعْدُ؛ فَلَوْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالتُّرْكِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَالْبَرْبَرِيَّةِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِتِلْكَ اللُّغَةِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ؛ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ بِهَذِهِ اللُّغَاتِ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ: كَالْحَلِفِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمُلُوكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ هِيَ شِرْكٌ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ} . وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} يَعُمُّ كُلَّ مَا يُسَمَّى صَعِيدًا وَيَعُمُّ كُلَّ مَاءٍ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمِيَاهِ الْمَوْجُودَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَهُ. فَلَوْ اسْتَخْرَجَ قَوْمٌ عُيُونًا وَكَانَ فِيهَا مَاءٌ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَالرِّيحَ وَالطَّعْمِ وَأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَجَبَ الِاغْتِسَالُ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ نَعْرِفُهُ بَيْنَ

الصفحة 208