كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

إيَاسٍ؟ أَوْ ارْتِفَاعٌ لِعَارِضِ ثُمَّ يَعُودُ: كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ؟ فَهَذِهِ " ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ". فَمَا ارْتَفَعَ لِعَارِضِ: كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ؛ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ بِلَا رَيْبٍ. وَمَتَى ارْتَفَعَ لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ: فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ بَعْدَ أَنْ تَمْكُثَ مُدَّةَ الْحَمْلِ كَمَا قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهَا تَمْكُثُ حَتَّى تَطْعَنَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ. وَفِي هَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا تَتَزَوَّجُ. وَمِثْلُ هَذَا الْحَرَجِ مَرْفُوعٌ عَنْ الْأُمَّةِ؛ وَإِنَّمَا اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فَإِنَّهُنَّ يَعْتَدِدْنَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ: هَلْ لِلْإِيَاسِ سِنٌّ لَا يَكُونُ الدَّمُ بَعْدَهُ إلَّا دَمَ إيَاسٍ؟ وَهَلْ ذَلِكَ السِّنُّ خَمْسُونَ أَوْ سِتُّونَ؟ أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ؟ وَمُتَنَازِعُونَ: هَلْ يُعْلَمُ الْإِيَاسُ بِدُونِ السِّنِّ؟ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ طَعَنَتْ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْخَمْسُونَ وَلَهَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لَمْ تَحِضْ وَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا شَرِبَتْ مَا يَقْطَعُ الدَّمَ وَالدَّمُ يَأْتِي بِدَوَاءِ: فَهَذِهِ لَا تَرْجُو عَوْدَ الدَّمِ إلَيْهَا فَهِيَ مِنْ الْآيِسَاتِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 21