كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي: فَهَذَا فِيهِ اجْتِهَادُهُ. وَأَمَّا فِي النُّفُوسِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَمْلُوكٌ ذَكَرَ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ قُمَاشًا وَذَكَرَ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ؟ عِنْدَ سَيِّدِهِ الْقَدِيمِ فِي مِنْدِيلٍ: فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؟ وَمَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ
فَأَجَابَ:
لَا يُؤْخَذُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْغُلَامِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَالِيَ الْحَرْبِ أَوْ قَاضِيَ الْحُكْمِ؛ بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُتَّهَمِ بِسَرِقَةِ وَنَحْوِهَا أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمُتَّهَمِ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ. فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْبِرِّ لَمْ يَجُزْ مُطَالَبَتُهُ وَلَا عُقُوبَتُهُ. وَهَلْ يَحْلِفُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُعَزَّرُ مَنْ رَمَاهُ بِالتُّهْمَةِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَإِنَّهُ يُحْبَسَ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُ. قِيلَ: يُحْبَسُ شَهْرًا. وَقِيلَ: اجْتِهَادُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ}

الصفحة 234