كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ رَجُلٍ رَمِدَ فَغَسَلَ عَيْنَيْهِ بِلَبَنِ زَوْجَتِهِ: فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ. إذَا حَصَلَ لَبَنُهَا فِي بَطْنِهِ؟ وَرَجُلٌ يُحِبُّ زَوْجَتَهُ فَلَعِبَ مَعَهَا فَرَضِعَ مِنْ لَبَنِهَا: فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا غَسَلَ عَيْنَيْهِ بِلَبَنِ امْرَأَتِهِ يَجُوزُ وَلَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ لِوَجْهَيْنِ. " أَحَدُهُمَا " أَنَّهُ كَبِيرٌ. وَالْكَبِيرُ إذَا ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ امْرَأَتِهِ لَمْ تُنْشَرْ بِذَلِكَ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مُخْتَصٌّ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ تَبَنَّوْهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ التَّبَنِّي. " الثَّانِي " أَنَّ حُصُولَ اللَّبَنِ فِي الْعَيْنِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا؛ وَلَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّعُوطِ وَهُوَ مَا إذَا دَخَلَ فِي أَنْفِهِ بَعْدَ تَنَازُعِهِمْ فِي الْوُجُورِ وَهُوَ مَا يُطْرَحُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَضَاعٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْوُجُورَ يَحْرُمُ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ السَّعُوطُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ارْتِضَاعَهُ لَا يُحَرِّمُ امْرَأَتَهُ فِي مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

الصفحة 55