كتاب مجموع الفتاوى (اسم الجزء: 34)

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا كَمَا لَهُ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ عَلَى رَقِيقِهِ وَبَهَائِمِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَرَأَ قَوْلَهُ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: النِّكَاحُ رِقٌّ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ وَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ} " فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ عَانِيَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ؛ وَالْعَانِي الْأَسِيرُ وَأَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَهَا بِأَمَانَةِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا وَلِهَذَا أَبَاحَ اللَّهُ لِلرَّجُلِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنْ يَضْرِبَهَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُ غَيْرَهُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ فَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُؤْتَمَنًا عَلَيْهَا وَلَهُ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ: كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَوُلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ وَكَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُسَاقِي وَالْمُزَارِعِ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ. وَعِنْدَ النِّكَاحِ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ وَالرَّجُلُ مُؤْتَمَنٌ فِيهِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا نَفَقَةً: قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ سَلَّطَهَا عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ لَمَّا قَالَتْ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ؛ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ} .

الصفحة 80