كتاب المجالسة وجواهر العلم (اسم الجزء: 3)

616 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحُلْوَانِيُّ، نَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحسن؛ قَالَ: تَكَلَّمَ الْحَسَنُ يَوْمًا كَلَامًا، فَقَالَ: قَدْ مَاتَ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ؛ فَمَاذَا تَنْتَظِرُونَ؛ فَقَدْ أُسْرِعَ بِخِيَارِكُمْ، فَمَاذَا تَنْتَظِرُونَ؛ آلْمُعَايَنَةُ؟ فَكَأَنَّ قَدْ. هَيْهَاتَ! هَيْهَاتَ! ذَهَبَتِ الدُّنْيَا وَبَقِيَتِ الْأَعْمَالُ أَطْوَاقًا فِي أَعْنَاقِ بَنِي آدَمَ؛ فَيَا لَهَا مِنْ مَوْعِظَةٍ لَوْ وَافَقَتْ مِنَ الْقُلُوبِ حَيَاةً! إِنَّهُ وَاللهِ لَا أُمَّةَ بَعْدَ أُمَّتِكُمْ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا كِتَابَ بَعْدَ كِتَابِكُمْ، إِنَّكُمْ -[22]- تَسُوقُونَ النَّاسَ وَالسَّاعَةُ تَسُوقُكُمْ، وَإِنَّمَا يَنْتَظِرُ أَوَّلُكُمْ أَنْ يَلْحَقَ بِآخِرِكُمْ، مَنْ رَأَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَدْ رَآهُ غَادِيًا رَائِحًا لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلَا قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ، رُفِعَ لَهُ عَلَمٌ فَشَمَّرَ إِلَيْهِ. عِبَادَ اللهِ! فَالْوَحَاءَ الْوَحَاءَ، النَّجَاءَ النَّجَاءَ، عَلَامَ تعرّجون؛ أليس قد أُشرع بِخِيَارِكُمْ وَأَنْتُمْ كُلَّ يَوْمٍ تَرْذُلُونَ؟ ! لَقَدْ صَحِبْتُ أَقْوَامًا كَانَتْ صُحْبَتُهُمْ قُرَّةَ الْعَيْنِ وَجَلَاءَ الصُّدُورِ، وَكَانُوا مِنْ حَسَنَاتِهِمْ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ أَشْفَقُ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ أَنْ تُعَذَّبُوا عَلَيْهَا، وَكَانُوا فِيمَا أَحَلَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا أَزْهَدَ مِنْكُمْ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُمْ، إِنِّي أَسْمَعُ حَسِيسًا وَلَا أَرَى أنِيْساً، ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ، لَوْ تَكَاشَفْتُمْ لَمَا تَدَافَنْتُمْ، تَهَادَيْتُمُ الْأَطْبَاقَ وَلَمْ تَهَادُوا النَّصَائِحَ.

الصفحة 21