كتاب المجالسة وجواهر العلم (اسم الجزء: 3)

969 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُخْتَارِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: لَقِيَ زَاهِدٌ زَاهِدًا، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخِي! إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ الْآخَرُ: لَوْ عَلِمْتَ مِنِّي مَا أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي؛ لَأَبْغَضْتَنِي فِي اللهِ. فَقَالَ لَهُ الْأَوَّلُ: لَوْ عَلِمْتُ مِنْكَ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ؛ لَكَانَ لِي فِيمَا أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي شُغْلٌ عَنْ بُغْضِكَ.
970 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ بَكْرًا الْعَابِدَ يَقُولُ: -[342]- كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مُسْتَخْفِيًا بِالْبَصْرَةِ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَفِيهِ: قَدْ بَلَغَ مِنَّا الْجَهْدُ أَنَا نَأْخُذُ النَّوَى فَنَرُضَّهُ ثُمَّ نَجْعَلُهُ فِي التِّبْنِ فَنَأْكُلُهُ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ؛ رَمَى بِهِ إِلَى بْعَضِ إِخْوَانِهِ، وَأَرَاهُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! إِنَّكَ لَوْ حَدَّثْتَ النَّاسَ بِهَذَا؛ لَاتَّسَعَتْ وَاتَّسَعَ أَهْلُكَ. فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ؛ فَقَالَ: اسْمَعْ حَدِيثًا أُحَدِّثُكَ بِهِ ثُمّ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ سَنَةٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يُرَى نُورٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقِيلَ: مَا هَذَا النُّورُ؟ فَقِيلَ: حَوْرَاءُ ضَحِكَتْ فِي وَجْهِ زَوْجِهَا فَبَدَتْ ثَنَايَاهَا فَبَرِقَتْ. ذَلِكَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، أَفَتَرَى أُعْذَرُ بِتِلْكَ؟ بَلْ أَصْبِرُ عَلَى أَكْلِ النَّوَى وَالتِّبْنِ. ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ: وَاللهِ؛ لَمَا هُوَ أَشَرُّ مِنَ النَّوَى وَالتِّبْنِ فِي الدُّنْيَا أَسْهَلُ مِنَ الضَّرِيعِ وَمِنْ طَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ وَمِنْ شَرَابِ الْحَمِيمِ الَّذِي لَا انْقِضَاءَ لَهُ. ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ.

الصفحة 341